نجوم صنعتهم طفولة بائسة ( عمر المختار - بيتهوفن )




نستكمل في هذا الجزء نماذج من مشاهير العالم عانوا طفولة بائسة وواجهوا رياحًا عاتية كانت كفيلة بتدميرهم ولكنهم صنعوا من رحم المعاناة نورًا اشاع البهجة واسمًا بات من الخالدين لينشروا طاقة نور لكل الحالمين .
1. أنتوني كوين “يتم وفقر وعيب في النطق صنعوا عمر المختار”

“كنت أقاتل حتى أكسب قوتي وأحصل على لقمة عيشي مخضبة بدماء الآخرين”
هكذا تحدث النجم المكسيكي العظيم أنتوني كوين الذي أشتهر في العالم العربي بدورين “عمر المختار” ، و “زوربا اليوناني” عن نفسه
ولد “كوين” في ظروف مؤلمة لأم مصابة بالجدري نصفها من الهنود الحمر، ونصفها الآخر مكسيكي، وأب ايرلندي يعمل في السكة الحديد .
بعد مقتل جده في حادث قطار ترك والده العمل بالسكة الحديد، وعاش على معاش أبيه – جد كوين- في الخامسة من عمره عمل أنتوني مع والده في جمع ثمار الجوز، وتنقل في معظم أنحاء ولاية كاليفورنيا للعمل في حقول المحاصيل الزراعية بدءًا من الطماطم، والخس، ونهاية بالليمون، والموالح.
بعد انتقال والد كوين للعمل في حديقة للحيوان استقرت الأسرة في لوس أنجلوس، وكان “كوين” يذهب لمساعدة والده في إطعام الحيوانات.
كان “انتوني كوين” عاشقًا للتمثيل، ويعتبره الحياة، وكانت لجدته أكبر الأثر في ذلك فقد كانت عاشقة للمسرح، وكانت تقول له وهو طفل كما يروي “كوين” في مذكراته: أنها تريد أن تراه ممثلًا عظيمًا.
وجود الأسرة في مدينة لوس انجلوس التي تضم أعظم استوديوهات السينما آنذاك قربت كوين الطفل من حلمه، ومنحته فرصة مشاهد الأفلام التي يتم تصويرها خارجياً باستثناء بعض اللقطات الداخلية.
كانت الاستوديوهات في الأساس عبارة عن مكاتب للمنتجين، والفنانين، وعمل أبيه في أحد تلك الاستوديوهات رغم ضعف بصره الشديد، وكان هذا سببًا في حصوله على أول دور للتمثيل ، فقد كانوا بحاجة لطفل يرتدي جلد دب، ويظهر في بعض اللقطات وسط حيوانات أخرى .
يومها قال لهم والده إن ابنه يستطيع القيام بهذا الدور دون خوف فوافقوا، لكن القدر كان له رأي آخر. حيث أصيب “كوين” بارتفاع شديد في الحرارة، ورفضت أسرته خروجه في ذلك اليوم ليكون الدور من نصيب ابن عمه “جالفيرو”، ويبكي كوين طوال اليوم حزنًا على ضياع حلمه .
بعد وفاة والده في حادث سيارة بات مسئولًا عن عائلته، وهو طفل يناهز ال11 عامًا، وعمل لاعالة اسرته كفلاح في حقول القطن في ظروف شديدة القسوة، ثم عمل بعد ذلك في عدة أعمال مختلفة منها عامل شحن، وتفريغ في سوق خضار، بمقابل دولار يوميًا، وماسح للأحذية، وسائق تاكسي وبائع للمشروبات للعمال في مناطق عملهم ، وملاكم في رهانات الملاكمة في عمر 16 عامًا مقابل 25 دولار يوميًا.
كانت أسرة “كوين” شديدة الفقر إلى الحد الذي دعا أمه الى محاولة بيعه لأسرة ثرية، لتنقذهم من براثن الفقر. تلك الواقعة التي تركت في نفس “كوين” المًا شديدًا
كان يقول : “المال يمكنني الاستغناء عنه لكن ليس عائلتي، فهم يحبون الراحة وذلك يكلف غالياً، أنا يمكنني العيش بسروالين فقط”
في تلك الفترة دخلت حياته فتاة تدعى إيفا، وكان لها، ولوالدتها “سيلفيا ” أثر كبير في دفع أنتوني نحو القراءة، والثقافة، والموسيقى، وهو ما صنع منه شخصية جديدة تبلورت اثر نصيحة من المعماري الكبير “فرنك لويد بان” بأن يجري عملية في لسانه لتحسين النطق أتبعها بدروس في الالقاء.
عثر أنتوني على إعلان عن مدرسة لفن الدراما تديرها ممثلة سابقة تدعى كاترين هاميل التحق بها، وبمرور الوقت تحسنت طريقة نطقه.
أسند له دور صغير في مسرحية ” الحمى ” للكاتب نوبل لكن أحد الممثلين من أصحاب الأدوار الرئيسية أصيب بحمى حقيقية منعته من أداء دوره، وطلبوا منه القيام بهذا الدور الكبير.
نجح كوين في أداء الدور، وأنضم بعد ذلك الى فريق الممثلين، وكان دوره في مسرحية “سرير نظيف” قفزة كبرى. حيث حضر الافتتاح نجوم هوليوود يومها، وعرف الجميع أن هناك ممثلًا اسمه انتوني كوين.
الفرصة الأولى لتمثيل أول دور سينمائي في حياته جاءت في فيلم ” بارول “. يومها اصطحب جدته لحفل الافتتاح، وقالت له وكأنها تودعه أنها يمكنها بعد هذا اليوم ان تنام قريرة العين.
ماتت جدته بعد الافتتاح بأسبوعين، وأدارت الدنيا ظهرها له مرة أخرى، فلم يحصل على فرصة تمثيل واحدة، وهو مادعاه الى ركوب أحد قطارات البضائع بنظام “التسطيح”، لكي يهرب من دفع التذكرة التي لايملك ثمنها في طريقه للعمل في إحدى سفن الصيد.
في هذه الفترة قرأ كوين إعلانا بالمصادفة يطلب ممثلين، فقرر أن يحاول المحاولة الأخيرة في التمثيل قبل أن يهجره للأبد . نجح كوين في هذه المحاولة، ومثل في عام 1936 فيلم من إخراج سيسيل دي ميل بعنوان ” رجل السهول ” ليكون جنبا الى جنب مع أبطاله الممثل الكبير جاري كوبر والممثلة جين آرثر.
من ذلك التاريخ انتقل كوين من فيلم الى فيلم، ومن نجاح إلى نجاح حتى بات فتى السينما الأول برصيد 300 فيلم.
كانت نقطة التحول في حياته الفنية عام 1952 عندما قام بمشاركة النجم مارلون براندو في بطولة فيلم “فيفا زاباتا” عن حياة الثوري المكسيكي إيمليانو زاباتا، كما ظهر بعد ذلك في أفلام شهيرة منها “مدافع نافارون” عام 1961، ولعب عام 1956 دور الرسام الفرنسي بول جوغان في فيلم “شهوة الحياة” حول قصة الرسام الهولندي فان جوخ.
تألق كوين في فيلمي المخرج مصطفى العقاد: “الرسالة” في دور حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وأسد الصحراء في دور المناضل الليبي عمر المختار، وسار على نفس النهج عندما جسد عام 1962 دور الرجل البدوي “عودة أبو تاية” في فيلم “لورانس العرب”، وكررها في دوره في فيلم “سندباد”.
تميز أيضا في تمثيله لحياة المليونير اليوناني أوناسيس مع جاكلين كيندي في فيلم “الزعيم اليوناني”، وتوج عام 1953 بجائزة أوسكار أحسن دور ثانوي لدوره في فيلم “فيفا زاباتا”، عن شقيق الثوري المكسيكي إيمليانو زاباتا، كما حصل على نفس الجائزة عام 1957 عن دور الرسام الفرنسي بول جوغان في فيلم “شهوة الحياة”.
نال “كوين ” عام 1964 جائزة أحسن دور رجالي عن دوره في فيلم “زوربا الإغريقي” من “المجلس الوطني لمراجعة الأفلام” الأميركي (National Board of Review)، وحصل عام 1995 على جائزة “الكاميرا الذهبية” في ألمانيا.

2. إسماعيل ياسين..الضاحك الذي صنعه البكاء !

المتعهد الرسمي لإضحاك الجمهور. صاحب أشهر “بق ” في السينما من منا لم يضحك عندما شاهده ؟!. كثيرون لايعرفون أن خلف هذه الضحكات بكاء خلفته طفولة بائسة، وظروف صعبة مر بها نجم نجوم الكوميديا العربية .
ولد بمحافظة السويس لأب ميسور الحال يعمل صائغا ، ولكن الأمور تطورت بشكل دراماتيكي توفت والدته، وتزوج والده، ثم أفلس، وتراكمت عليه الديون حتى دخل السجن.
أضطر الطفل “اسماعيل ياسين” إلى هجر منزل والده خوفًا من بطش زوجة أبيه، وعمل في محل قماش “مناديًا”، ولكن حلمه بأن يصبح مطربًا أسوة بموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب الذي كان يعشق أغنياته دفعه للرحيل إلى القاهرة في سن 17 عامًا، وعمل صبيًا بأحد المقاهي في شارع “محمد علي”، وتنقل في اقامته بين الفنادق الشعبية بالشارع الذي كان كثير من سكانه من أهل الفن، وهو ماوفر له العمل مع أشهر راقصات الأفراح الشعبية آنذاك.
تلك الواقعة لها قصة طريفة حيث تعرف اسماعيل من خلال إحدى “اللوكاندات” التي كان يعيش فيها صبي من صبيان أشهر راقصة شعبية، وتدعى نوسة. طلب منه “يس” أن يتوسط له ليعمل معها، ووعده ذلك الصبي، ويدعى عطية أفندي بأنه سيساعده، فاطمئن له اسماعيل، ونام إلى جواره، وعندما استيقظ اكتشف أن عطية سرق بدلته الجديدة، وتحويشة عمره “3 جنيهات”، فذهب للراقصة باكيًا طالبًا منها أن تعيد اليه أمواله فرقت له، ومنحته عملًا معها وسكنًا في غرفة على السطوح، وقالت له أن عطية قد سرقها ايضا !
لم يجد اسماعيل ما يكفيه من المال فأنتقل للعمل في مكتب محاماة، ولكن حلم الغناء ظل يراوده فذهب للفنانة بديعة مصابني، وأنضم لفرقتها كمونولوجيست، بعد أن اكتشف فيه هذه الموهبة المؤلف الكوميدي أبو السعود الابياري.
تألق سمعة في فن المونولوج لعشر سنوات حتى اختير، لإلقاء المونولوج في الاذاعة، وجذب اليه الجمهور برغم عدم وسامته، وأقتحم عالم التمثيل، وكون مع الثنائي أبو السعود الابياري، والمخرج فطين عبدالوهاب ثلاثيًا قدم لنا روائع الأفلام الكوميدية “482” فيلم مثل 16 فيلمًا منهم في عام واحد بعد أن تهافت عليه المنتجون.
كما ساهم في صنع تاريخ المسرح المصري عندما أنشأ فرقته المسرحية بالاشتراك مع الابياري وقدموا عروضًا لمدة 12 عامًا .

3. كريس جاردنر.. المشرد المليونير (!)

المليونير كريس جاردنر مؤسس ورئيس شركة كريستوفر جاردنر القابضة. تقدر ثروته بأكثر من “165” دولار، وقد أقتبس فيلم “The Pursuit of Happiness” من سيرته الذاتية، وحققت أكثر مبيعات في نيويورك.
ولد جاردنر في ولاية ويسكونسن، لأبوين منفصلين ،كان يعيش مع والدته التي كان زوجها يؤذيها، وأولادها ما أصابه، وشقيقاته بخوف مستمر .
سجنت أمه بوشاية من زوجها بتهمة الاحتيال، وتم وضع الأطفال في دار رعاية، وخرجوا منها بعد الافراج عن والدتهم، الا أنهم عادوا اليها سريعًا، بعدما أُدينت والدتهم بمحاولة قتل زوجها عن طريق اشعال النيران في المنزل، ليظل كريس في الملجأ حتى كبر وتزوج .
عانى جاردنر من انهيار زواجه، وإيداعه السجن بسبب عجزه عن دفع المال لتذكرة موقف السيارات، كما ذاق الأمرّين، وهو يحاول تأمين حياة آمنة لابنه، حيث كانا ينامان في مكتبه في السكّة الحديد التي يعمل بها، ومنها انتقل إلى ملاجئ المشردين، واصبح من سكان العديد من الحدائق العامة في مدينة سان فرنسيسكو شمال كاليفورنيا
في الثمانينيات، كان كريس شابًا عاديا يعيشُ مع صديقته التي أنجب منها ولدًا أسماه “كريستوفر”. قبل ذلك بسنوات، استثمر كريس كل ماله في أجهزة لفحص كثافة العظم، لكنه كما قال في مذكراته لم يكن يعرف أنها عبارة عن “رفاهية غير ضرورية” للمستشفيات، والأطباء كونها تُقدم صورة أقل وضوحًا من الأشعة السينية، وبضعف الثمن.
كانت تجارة كريس تسير من سيء إلى أسوأ. تراكمت عليه الديون والضرائب، وعاش في ظروف صعبة ازدادت صعوبة بتخلي أم ابنه الذي يبلغ عمره خمس سنوات عنهما، بعد أن هجرتهما ليواجها مصيرهما .
أضطر جاردنر الى ترك منزله بسبب فشله في دفع الايجار المتراكم، والانتقال الى أحد النزل.
ذات يوم شاهد جاردنر سيارة فارهة تقف بجانبه نزل منها شاب سأله كرس: كيف حصلت على هذه السيارة؟، وماذا تفعل للحصول على هذا القدر من المال؟، فأجابه: أنه يعمل كسمسار أسهم في شركة كبيرة، وأن تلك الشركة تقوم بتوظيف 20 شخصا كل 6 أشهر في برنامج للتدريب”دون مرتب”، ينتهي باختيار شخص واحد فقط للعمل مع الشركة.
قرر كريس التقدم لهذه الفرصة، وذهب للمقابلة الخاصة في برنامج التدريب، بثيابه البالية، راكضًا نحو موقع المقابلة. كان يبدو من بين المتقدمين المتأنقين كالشحاذين جاء دوره ليدخل على لجنة من كبار المدراء في تلك الشركة. كان موقفًا صعبًا إلى أبعد الحدود، يقول كريس في مذكراته كنت قد عقدت العزم على اختلاق قصة تبرر مظهري المتواضع مثل انني أحاول مساندة الفقراء، الا أنني انتصرت للحقيقة، وقررت أن أبوح بها.
تم قبول كريس في برنامج التدريب. طوال الأشهر الستة، كان كريس يعمل منذ الصباح حتى الساعة الرابعة عصرًا بشكل متواصل في مكالمة الزبائن المحتملين للحصول على شيء منهم، يقول: “لم أكن أضع السماعة بين المكالمة والأخرى لتوفير الوقت، وعلمت أنني أقوم بتوفير 12 دقيقة كل يوم بفعل ذلك. كما أنني لم أكن أشرب الماء أو أي شيء آخر حتى لا أضطر للذهاب إلى الحمام لتوفير الوقت. كنت أقوم بما يتطلب فعله خلال 9 ساعات في ظرف 6 ساعات فقط، حتى أستطيع المغادرة باكرًا لأخذ طفلي من مركز الرعاية اليومية والانطلاق في محاولة بيع الأجهزة التي عندي ثم العودة إلى النزل لأقضي الليلة في الدراسة للامتحان المقرر في نهاية التدريب”، لكن كريس لم يستطع بيع أي شيء مما عنده، وشيئا فشيئا بدأ امواله في النضوب، حتى بات على حافة الإفلاس.
وفي إحدى الليالي عاد “كريس” وابنه منهكي القوى إلى غرفتهما في النزل ليجدا أغراضهما ملقاة في الخارج بسبب عدم دفعه للإيجار المستحق. كانت ليلة صعبة جدًا. لم يعرف كريس أين يأخذ ابنه الصغير، وكيف يريح جسده المنهك. قادته أقدامه إلى أقرب محطة مترو للأنفاق، وقضى ليلته في أحد الحمامات خلسة.
قبل دخول الحمام كريس لابنه بأن جهاز تكثيف العظام هذا هو الة زمن وطلب منه إغماض عينيه عند ضغط الزر والتفكير في الزمن الذي يريد الرجوع إليه. ضغط الزر، ثم طلب كريس من ابنه أن يفتح عينيه، لكن المكان كان لا يزال كما هو ولم يتغير شيء!
كريس عالج الموقف وحوله إلى لعبة، حيث تظاهر أنهم في العصر الجوراسي وأن الديناصورات تحيط بهم من كل جانب، وابنه البسيط تابع اللعب معه ظنًا منه أنها فعلا لعبة، ولم يدرِ أن كريس كان يُحاول الدخول به إلى الحمام العام في تلك المحطة لإمضاء الليلة على أن ذلك الحمام هو الكهف الذي سيحميهم من الديناصورات. منظر مُروّع إلى أبعد الحدود هو منظر ذلك الأب الذي يحتضن ابنه النائم على أرض حمام عمومي، وما زاد الطين بلة هو محاولة أحدهم الدخول إلى الحمام، حيث وضع كريس قدمه معيقا الباب، وبدأ بالبكاء!
استمر كريس في برنامج التدريب في ظروف حالكة، إلى أن جاء آخر يوم في البرنامج حيث كان كريس كعادته يحاول أن يمضي بمكالماته بأسرع وقت للحصول على أكبر نسبة مبيعات. حتى جاء مديره وطلب إليه اللحاق به. وصل كريس إلى نفس الغرفة التي أجرى فيها مقابلة الحصول على التدريب قبل أشهر ستة، ليجد نفس اللجنة التي قامت بتوظيفه. بعد حديث قصير عرف أنه الشخص المختار للوظيفة، وأن اليوم التالي هو يومه الأول كموظف رسمي، وكانت البداية .
في عام 1987م أسس كريس شركته المتخصصة في الأوراق المالية وبدأ رحلة المليون ليصبح دون شهادة جامعية محاضرًا وملهمًا لكل الحالمين بثروة طائلة.

4. بيتهوفن..أسطورة الموسيقى..الأصم(!)

ولد بيتهوفن في مدينة “بون” الألمانية بين 7 إخوة تُوفى 5 منهم صِغاراً. والده ومعلمه الأول كان مدمنًا للكحول، وكان دائم التعامل بعنف معه. بلغت قسوته أنه كان يجبر بيتهوفن الطفل على التدريب على عزف البيانو لساعات طويلة، وإذا توقف يضربه دون رحمة، وهو ماترك أثرا كبيرًا عليه، وعلى موسيقاه، لدرجة أنه غالبًا ماكان يعزف باكيًا.
كان التأليف الموسيقي هو نوع من أنواع العلاج والتغلب على المشاكل بالنسبة لبيتهوفن.
في السادسة من عمره قدمه والده في حفلة ليعزف منفردًا ولقي استحسانًا كبيرًا، بعد أن أتم الثانية عشرة من عمره التحق بالعمل مع صديق لوالده كان عازفًا في البلاط القيصري، فاكتسب خبرة كبيرة في العزف والغناء.
في السابعة عشرة من عمره انتقل إلى فيينا، والتقى بموتسارت المؤلف النمساوي الموسيقي المبدع، وأخذ منه بعض الدروس في التأليف، ولفتت عبقريته نظر “موتسارت” حتى أنه قال لأصدقائه: “التفتوا إلى هذا الشاب سوف يحدث ضجة في عالم الموسيقى”
في هذه الفترة توفيت والدة “بيتهوفن” فعاد إلى بون، ولما بلغ الثانية والعشرين رجع إلى “فيينا” مرة أخرى وتتلمذ على يد “هايدن”، إلا أن عبقريته كانت تفوق قدرات أساتذته دائمًا.
تتلمذ “بيتهوفن” على ايدي معلمين آخرين مثل ساليري، وشينك، وألبريشتبيرجر، وقد أسهم ذلك في تكوين شخصية “بيتهوفن” الفنية ومع محاولاته لشق طريقه كعازف في عاصمة الموسيقى ، سرعان ما لقى مكانة كبرى خاصة في الأوساط الأرستقراطية. حتى انه حاز على إعجاب الأسرة الملكية التي كانت تعامله كصديق أكثر من كونه مؤلفاً موسيقيًا.
اصيب “بيتهوفن” بالصمم، فقرر الانعزال، وابتعد تدريجيا عن الوسط الفني، وهجر الحفلات العامة، وأمضى حياته بلا زواج، وقلت مؤلفاته، وأصبحت أكثر تعقيداً، حتى انه هوجم، فرد على منتقديه بأنه يعزف للأجيال القادمة، وهو ماثبت صحته حتى أن اثنان من السيمفونيات التي كتبها في مرضه بالصمم، وهما السيمفونية الخامسة، والتاسعة نالتا شعبية واسعة خاصة السيمفونية التاسعة بعدما جاءت رسالته إلى العالم “كل البشر سيصبحون إخوة”
بالرغم من اليأس الذي أصابه، وكاد أن يصل به للانتحار، إلا أنه كان يقاوم، ويوجه طاقته كلها للإبداع الفني حتى أنه قال يوماً :«يا لشدة ألمي عندما يسمع أحد بجانبي صوت ناي لا أستطيع أنا سماعه، أو يسمع آخر غناء أحد الرعاة بينما أنا لا أسمع شيئاً، كل هذا كاد يدفعني إلى اليأس، وكدت أضع حداً لحياتي اليائسة، إلا أن الفن وحده هو الذي منعني من ذلك».
عدم تفهم الناس لحالة “بيتهوفن” كان يضيف ألماً على ألمه، لكن معاناته لم تطل كثيراً، فقد توفي عن عمر يناهز السابعة والخمسين، بعد أن أثرى الموسيقى الكلاسيكية العالمية، وصار أحد أعلامها الخالدين.

تنويه : الصور والفيديوهات في هذا الموضوع على هذا الموقع مستمده أحيانا من مجموعة متنوعة من المصادر الإعلامية الأخرى. حقوق الطبع محفوظة بالكامل من قبل المصدر. إذا كان هناك مشكلة في هذا الصدد، يمكنك الاتصال بنا من هنا.

عن الكاتب

هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى

0 التعليقات لموضوع "نجوم صنعتهم طفولة بائسة ( عمر المختار - بيتهوفن )"


الابتسامات الابتسامات